الجمعة، مايو 20، 2011

مأساة امرأة أسمها سمية



مأساة امرأة أسمها سمية

الزواج السعيد ، حلم طبيعي يداعب خيال كل فتاة ، ولكن يتفاوت الحلم حسب ثقافة الحالمة ، والبيئة التي تعيش فيها ونوعية طموحها في الحياة ويغلف ذالك درجة إيمان الحالمة بالله والقضاء والقدر .
وسمية مثلها مثل كل بنات جنسها كانت تحلم بفارس أحلامها ، الرومانسي ، المرهف الإحساس ، الذي يغمض عينه على صورتها ويفتحها على صورتها  كل تفكيرها عن الزواج وفارس أحلامها هي دنيا خاصة  بهما ليس في حساباتها أن يشاركهما بقية الناس سعادتهما الزوجية وأن وجدوا فهم تحصيل حاصل وواجبات شرعية وأسرية  تأخذ من وقتهما  الثمين والرومانسي جداً وحتى نوعية عمل زوجها لا تخطر على بالها وهي تفكر في فارس أحلامها حياتها الزوجية وكثيراً  ما تجلس لوحدها ، وتحلم بطريقة تقبيله  وكيفية مداعبتها وبما ذا يفاجئها يومياً  بهدية رائعة   وردة حمراء أو عطر تعشقه أو تتخيل كيف يتألم عندما تخاصمه وتُبدي غضبها منه وكيف يتودد إليه      إذن سمية كانت سندريلا حالمة لا تعرف في الحياة الزوجية إلا الرومانسية والحب لا تعنيها الظروف الاقتصادية أو الاجتماعية فكل ذالك في نظرها كماليات وواجبات وليس إلا
وحتى لا تقسوا عليها وتصفوها بالسذاجة والمراهقة  دعوني أعرج بكم إلى كيفية  نشأت سمية ونوعية البيئية التي كانت تحيط بها
فسمية سندريلا فقيرة نشأت في أسرة تتكون من أحدى  عشرة  فرد  والدها رجل مكافح مناضل ملتزم  رغم ظروفه القاسية كان حريص على توفير التعاليم الجيد لأبنائه وبناته ، ووالدتها ست بيت حنونة وصبورة تمكنت من إرضاعها الطيبة والمحنة التي تميزت بها سمية  هي وبقية وأخواتها
ولأن وسائل التسلية الوحيدة المتاحة والمتوفرة للفقراء والأغنياء هي القراءة كانت هي وأخوتها مشتركين في مكتبة الحي التي تتيح لهم الفرصة بأخذ الكتب والمجلات بالإيجار بمبلغ  زهيد والفائدة التي يوفرها الأغنياء في الحي هي شرائهم للكتب والمجلات الجديدة والحديثة  وبيعها للمكتبة الحي بعد قراءتها .  سمية وأخوتها وصبية الحي الفقراء يستفيدون  من ذالك ويجدونه ثروة لا تقدر بثمن ه
وهي في مراحلها الابتدائية  كانت  تلتهم أربعة روايات   عبير في اليوم  وهي روايات عاطفية مترجمة ودائماً ما تنتهي نهاية سعيدة حالمة رومانسية   تختمها في اليوم الثاني برواية  لإحسان عبد القدوس . من هنا تبلورت شخصيتها العاطفية والرومانسية الحالمة وأدرك صاحب مكتبة الحي شخصيتها  النهمة للقراء مما جعله يعطيها الكتب ويأجرها لها بدون مقابل خاصة أنها تعيدها في النفس اليوم أو اليوم الثاني وتمكنت من تطويعه أن   يرفع لها بعض الكتب جانباً هذا بالإضافة لما يجلبها أشقائها من كتب إلى المنزل وهكذا نشأت السندريلا  سمية مثقفة رومانسية خلال المرحلة الابتدائية والإعدادية
وحتى مسلسلات الأطفال التي كانت تعرض في أيامها لا تخلو من المشاهد الرومانسية والعاطفية  مثل السندبات ، والليث  الأبيض ولولو  الصغيرة  ،طمطم  عدنان ولينا وجزيرة الكنز كل هذه العوامل  أثرت وشكلت شخصية سمية التي أصبحت العواطف والرومانسية في نظرها هي عماد الحياة وأساس لأي تعامل مع الأخريين و من لا يتعامل معها بعواطف فهو لا يستحق منها الاحترام .
كبرت سمية وكبرت أحلامها بفارسها لمنتظر وعندما بدأت تحس بوجود الجنس الأخر في حياتها الخارجية بعيداً عن  القصص الغرامية ، كانت تتحاشى التحدث معهم أو التقرب منهم لأن في خيالها هي لفارس أحلامها ولا تؤمن بأي علاقة غير ذالك
وكانت تتعجب من بعض الفتيات عندما يتحدثن عن صداقاتهن ومعرفتهن لأبناء العم أو الخال أو ابن  الجيران في ذهنها هنَ غير مهذبات ورغم رغبتها في هذا النوع لكنها  تحاشت سمية أي ارتباط عاطفي حتى في مراحل دراستها الجامعية ومن يحاول يتودد إليها تبحث له عن زميلة تناسبه وتجمعهما معاً وهناك صديقة وزميلة لها تزوجت وأنجبت من الذي كان يتودد إليها فكذبت لزميلتها وكذبت عليه وتمكنت من جمعهما وتم الزواج وخلفا صبيان وبنات و تخرجت من الجامعة وهي تنتظر فارس أحلامها  مرت الأعوام والسنوات وهي مازالت تنتظر فارس أحلامها
انتبهت في الحي لشاب من دولة مجاورة كان يحرص  أن يكون جالس في مواجهة منزلها لحظة خروجها ودخوله لاحظت ذالك وقالت في نفسها ربما صدفة
ولكن تكرار الأمر وبصورة منتظمة بدأ عقلها الباطن يقول ربما هو فارس الأحلام الحالم الرومانسي فكانت تطير فرحاً كلما لاحظتها يراقبها وهي داخلة أو خارجها
في البداية كانت لا توضح له أنها تلاحظه ولكن مع الوقت بدأت تنظر إليه وبدا هو يبتسم وهكذا تأكد أنها تبادله  الإعجاب وكان شجاع جدا فتًتقدم بكل ثقة لخطوبتها من أهلها وطارت فرحاً ورقص قلبها طرباً لأن فارس أحلامها العاشق المتيم الذي ينتظر عند بابها بالساعات نتيجة  لقمة الحب والعشق والغرام  وهذا حسب خيالها الرومانسي الحالم ،   ظهر وتقدم لخطبتها رغم ثقافتها وعقلها ، لم تهتم بوضعه الثقافي أو الاجتماعي أو المادي كل همها جاء فارس الأحلام الرومانسي  الولهان فكانت(( الشوفة ))أخبرها أن غير متزوج وليس له أحد إلا والدتُه
ولأنها من عائلة محترمة ولها أشقاء أذكياء وافقوا مبدئيا بعد الرؤية وتعجبوا من قبولها وموافقتها عليه رغم شخصيتها القوية وطموحها العالي وغروره المميز و ولرغبتها  الزواج به  قالوا له لدينا أصدقاء ومعارف في بلدك سوف نسال عنك وربنا يختار ما فيه الخير لكما
وبعد السؤال عنه في بلده كانت الصدمة الكبيرة للأسرة أتضح أنه متزوج وله أبناء ومطلوب في ثأر وموال طويل عريض . غضب والدها وأخواتها  منه غضب شديد لأنه كذب عليهم وقالوا له من يكذب لا نأمنه على ابنتنا أنسى موضوع زواجك منها وأبعد عن سكتها وطريقها وهدده شقيقها لو وجدته أمام المنزل أو سبب لها أي مضايقة سوف ينالها ما يستحق
تألمت سمية الرومانسية الحالمة وعاتبت أخيها كيف يتصرف هكذا بدون معرفة موقفها فهي لا تبالي المهم كان رومي في  نظرها وهي جُوليتُه لأنه ينتظر بالساعات عند منزلها فقط لرؤيتها خارجة أو داخلة المنزل هذا قمة الحب والرومانسية حسب فهما وما قراءتها في الروايات .لقد خاف رومي من تهديد أخيها وأختفي من نظرها ونست موضوعه مع مرور الوقت فتقدم للزواج منها رجل من دول أخري دون دراسة أو تفكير قبلت لأن المعرس كان من طرف صديق والدها  رغم أنه متزوج وله عائلة ولكن الحنين لتكوين أسرة سيطر عليها والرغبة القوية لاكتشاف عالم المجهول الذي يدغدغ   خيالها وفكرها   خاصة وأنها بلغت الثلاثين  بالإضافة  للأثر النفسي السيئ وصدمتها في من اعتقدته  فارس أحلامها جعلها تقبل كنوع من الهروب والملل من انتظار فارس الأحلام
تزوجت سمية من رجل يكبرها في السن بحوالي ثلاثة عشر عام  لقد أخبرهم بحقيقة زوجته أم أولاده ولكنه كذب على أم الأولاد بخصوص زواجه من سمية حيث سافر معها عادي إجازة إلى أهله وتركها هناك ثم عاد ليتزوج بسمية وبعد شهر أرادت الأولى الحضور إلى المملكة اكتشفت أن جواز سفرها غير  موجود كان معه جن جنونها وعلمت بزواجه من بعض الأصدقاء عبر سفارة بلدها تمكنوا من الوصول إليه وأخذ الجواز وأرسلها له وعندما حضرت خيرته ما بينها وبين  سمية  وعاندها  حوالي العام والنصف  وخلال هذه الفترة كانت السندريلا سمية تبحث عن الرومانسية والحياة الزوجية الحالمة التي رسمتها في خيالها ، وكل يوم يمر عليها  تخاطب نفسها ربما غداً  أفضل سوف أجد الرومانسية والحب والعاطفة وبينما هي تنتظر هذا اليوم تفاقم الخلاف بين زوجها وزوجته الأولى  فعادت  تهدده وتخيره  فكان خياره أم الأولاد  لأسباب عدة وهكذا تلقت سمية صدمتها الثانية وهي تنتظر الرومانسية الضائعة في حياتها والأمر لم يختلف حينما كانت  فتاة وما بعد الزواج  هو البحث ثم البحث ثم الانتظار للرومانسية  الضائعة في حياتها
فكان طلاق  سمية  وليس بإرادتها رغم التعاسة التي كانت تشعر بها ولكن لم يكن الطلاق في حساباتها ،ولكنه حدث فكان وللقصة بقية مأساوية أكثر درامية    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق